لم يظهر الأثاث فجأة، بل توجد مراحل اعتبرها المتخصصون بمثابة مراحل تطور الاثاث عبر العصور، ويعد الاثاث من العناصر الأساسية في فن العمارة، وقد تم تعريفه على أنه المتاع أو ما يستعمله الإنسان أو الحوائج التي يمكن تحريكها أو وضعها على ما هي عليه، وهو ضروري للمسكن ومحل العمل وكافة الأماكن التي يسكنها الإنسان أو يجد راحته فيها، ولقد تطور الأثاث من عصر لعصر حتى ظهر على تلك الشاكلة المُتعارف عليها الآن، وفي هذا المقال نتطرق إلى البدايات الأولى للأثاث حتى الآن.
ما هو تاريخ الاثاث علي مر العصور؟
يعزو تاريخ نشأة الأثاث إلى البدايات الأولى مع حركة المجتمعات التي انتقل فيها الإنسان من عصر لآخر و صولاً إلى حالة الاستقرار، أي تلك اللحظة التي اتخذ فيها الفرد مسكناً له في الكهوف وفوق مجاري الأنهار وافترش من الأغصان فراشاً له، وأصبحت المصاطب مكاناً يسكنه ويضجع عليه، ولقد تطور الأثاث بشكل ملحوظ متى بدأت الفكرة ملحة لاتخاذ مسكن مغلق أو بيت مسقوف وذلك لتقلب أحوال الطقس.
ومن المتعارف عليه أن الحضارة الفرعونية قد تركت لنا نماذج للأثاث تدعو للفخر حتى الآن، وعلى الرغم من ندرة إنتاج المصريين القدماء للخشب إلا أنهم استخدموا خشب أشجار السنط والطرفاء والجميز لصناعة الأثاث الخفيف بالإضافة إلى استيراد بعض الأنواع من الخشب كالأبنوس والأرز، ثم تبدأ عملية المعالجة لهذه الأخشاب بواسطة الأدوات الحجرية والنحاسية والمعدنية وذلك وفقاً للازدهار المتمثل في كل عصر.
ويتمثل الأثاث في هذه الحقبة في السرائر والمساند والعروش والصناديق والكراسي وغيرها، كما اهتم المصري القديم بالزخارف والزينة التي استوحاها من المظاهر الدينية، كما تباين الأثاث وفقاً للطبقة في المجتمع، فالأثاث المكسو بالذهب كان لعلية القوم، كما تركت لنا النصوص أشكال من الأثاث المصري الذي تم أرسله للبلدان المجاروة كهدايا.
وفي بلاد الرفدين نجد شبه كبير مع النمط المصري في الأثاث ولكن عناصره وأجزاءه أغلظ والعقد أقل، ومطعمة بالبرونز والعاج والمسامير المتينة الضخمة، كما تم العثور على قطع من الأثاث السومري كان له قوائم أمامية تشبه قوائم الثيران، وعند الكنعانيين نجد براعة في صناعة الأثاث وتطعميه بالعاج حتى وصلوا إلى مرحلة التصدير للبلدان الأخرى.
ونجد التأثر واضح عند بلاد فارس في محاكاة النمط الخاص في بلاد الرافدين والشام، ويتضح النمط الفارسي في الرسوم والمنحوتات، كما يبدو في الرسوم المنحوتة بعض المقاعد والمناضد وسرر بأشكال بدائية، كما تشتهر بلاد فارس حتى الآن بصناعة السجاد.
وفي العصر الإسلامي نجد أن أكثر قطع الأثاث اشتهاراً وذيوعاً هي المنابر والمحراب وكرسي المصحف وكرسي الإمام والأمير والتخت والطاولة والمنضدة وصندوق المتاع والتخت وعلب الزينة، وأقدم طراز تم التعرف عليه يرجع إلى العصر الأموي ثم النمط الخاص بالدولة العباسية والذي تأثر بشكل كبير بالطابع الفارسي.
وإذا انتقلنا إلى مصر والمغرب والشام في العصر الإسلامي، نجد أن صناعة الأثاث كانت مميزة عن غيرها، فقد ساد الطراز الفاطمي في مصر، ثم الطراز الأيوبي في مصر والشام، وبعد ذلك مع دخول الدولة العثمانية، ساد الطابع العثماني للأثاث في مصر والشام، بينما في المغرب نجد التأثر واضحاً بالفن الأموي ثم العباسي.
وفي العصور الوسطى كان استعمال الأثاث بمثابة تلبية لاحتياجات الإنسان، فكانت البدائية السمة الغالبة خلال تلك الحقبة، وكان استخدام المعدن نادراً إلا في بعض القطع، وتتمثل قطع الأثاث في المقعد والخزانة والتي تعددت استخداماتها، كما أن عامة الناس في العصور الوسطى لم يكن يمتلكون الأثاث إلا ما ندر، وكذلك الحال عند الحكام والنبلاء، فعلى الرغم من التفاوت الطبقي في العمارة والبنيان إلا أن استخدام الأثاث كان محدوداً.
كما أن ارتباط عميق بين الأثاث والطابع الديني، فمعظم أشكال الأثاث مستوحاة من المظاهر الدينية خلال هذه الفترة، فالقطع الخاصة بالقراءة والكتابة كانت محاكاة لمقاعد المرتلين، وما ميز هذا العصر الضخامة في الأثاث وخاصة في الأثاث القوطي، وكذلك تنوع استخدامات القطع، فالصندوق تم استخدامه للجلوس وحفظ الثياب والأشياء وتناول الطعام، أما عن عصر النهضة، فقد شهد الأثاث تطور هائل نوضحه في العنوان القادم.
كل ما تريد معرفته عن الأثاث في هذا الرابط
ما هي مراحل تطور الاثاث؟
يمكن أن نقول أن تصميم الأثاث وصل إلى ذورته في عصر النهضة، ويمكن أيضاً القول أن تاريخ تصميم الأثاث يتوقف عن هذه اللحظة بالذات، فهذا الفترة كانت رائجة بالعديد من الأنماط التي تناسب كل بيئة، فنجد النمط الكلاسيكي والحديث والمودرن والريفي وغيرها، وقد ساد في هذا الحقبة اللون الأحمر والذهبي بجانب استخدام السجاد التركي وكذلك أعمدة الأفازير واللوحات الجدارية.
ثم تطور الأثاث في هذه الفترة بشكل كبير، فظهرت أساليب أخرى في أوروبا، فقد ساد في هذه الفترة اللوحات الجدرانية بشكل كبير سواء على الأسقف أو الجدران، وكذلك المفروشات المنقوشة يدوياً مع إدراج ألوان بدرجات مختلفة في نفس القطعة.
وقد انشق من هذه الفترة نوع جديد متمثل في الفن الكلاسيكي الذي قام على أيد الرومان واليونان، وقد تحرر هذا النمط من المبالغة والفخامة، حيث نجد الألوان الهادئة مثل الأبيض والرمادي والترابيات، واستخدام الوسادات والستائر كعناصر لا غنى عنها، والعزوف عن البهرجة والاكتفاء بالأثاث البسيط الذي يوفر المظهر الجمالي من ناحية، ويحقق الوظيفة المرجوة من ناحية أخرى.
ومع التطور التكنولوجي الهائل، أصبح السائد النمط الحديث من الأثاث وهو يجمع بين الأصالة والحداثة، فنجد مجموعة متنوعة من أشكال الأثاث، منها ما هو عصري يتبع الطراز العالمي للحصول على البساطة والأناقة في آنٍ واحد في المنزل، ومنها ما هو حاد يميل إلى الألوان القوية والأثاث المتين الضخم.
وفضلاً عن ذلك فإن الأثاث في كل مرحلة من مراحل تطوره عبر العصور قد تشكل وفقاً لأسس، يمكن توضيحها بأن نذكر مراحل تصنيع الاثاث، وهذا بيان لها:
1- مرحلة التجهيز
وفي هذه المرحلة يتم التجفيف وضبط نسب الرطوبة قبل التقطيع ويتم ذلك وفقاً للمكان، حيث تختلف الرطوبة من مكان لآخر، وهذا أمر يجب أن يوضع في عين الاعتبار وخصوصاً أن الأثاث يُصدر من مكان لآخر وذلك لتلافي حدوث أي تشقق أو شروخ، كما يتم في هذه المرحلة تجميع الأخشاب والصاقها بعضها البعض للحصول على كتل أكبر، وكذلك تجميع القشرة وعملية لصق وكبس المسطحات.
2- مرحلة الحلية
وهي المرحلة التي يتم فيها عمل الحلايا سواء للحشو أو الأحرف، وقد يتم بدأ العمل فيها بعد التقطيع والتجميع.
3- مرحلة التقطيع
وهنا يتم تقطيع الأخشاب وفقاً للقياسات والأبعاد المُحددة سواء كان الخشب طبيعي أو مسطحات.
4- مرحلة الصنفرة
حيث يتم صنفرة الخشب وذلك بعد عملية التقطيع ولصق القشرة.
5- مرحلة القشاط
يتم في هذه المرحلة تركيب القواشيط سواء كانت خشيبة أو قشرة.
6- مرحلة التثقيب
ويقصد بها تلك الفتحات التي يتم عملها بالمفصلات وأماكن الكوالين في الأبواب، وكذلك يتم في هذه المرحلة عمل الحليات والرسومات على الحشوات.
7- مرحلة التجميع
وهذه المرحلة تسبق عملية التشطيب حيث يتم جمع واستقبال كافة القطع المختلفة من الأثاث التي تم العمل بها في المراحل السابقة لتجميعها وتجهيزها.
8- مرحلة التشطيب
وهذه هي المرحلة النهائية التي يتم فيها دهان قطع الأثاث وصنفرتها ويتم تجهيزها بالقشط حتى تصل للشكل المطلوب.
كتاب تاريخ الأثاث عبر العصور
لا شك أن الأثاث قديم قدم البشرية نفسها، ولقد تطور من عصر لآخر وفقاً لمقتضيات كل حقبة زمنية، ولقد تميز كل عصر بقطع أثاث فريدة من نوعها سواء في المهارة الفائقة أو الإتقان الفردي أو الأسلوب الجميل، وقد لوحظ أن مع بدايات القرن العشرين بدأ المنظور للأثاث مختلف كلياً عما كان في العصور القديمة، فقد طغى الجانب الجمالي على حساب الوظيفة، وهذا عكس السائد قديماً، ومع ذلك فإن كتاب تاريخ الأثاث عبر العصور يقدم لك العصارة التي تطور بها الأثاث من عصر لآخر.
والآن، بعد الاطلاع على هذه المعلومات التي تخص بدايات نشأة الأثاث، ومراحل تطوره وكذلك تصنيعه، قد تكون بحاجة لمساعدة عند تأسيس أثاث منزلك بمساعدة نخبة من الخبراء والمصممين، وبالتواصل مع معرض إمكان للأثاث الأنيق والفاخر، تستطيع تحقيق ذلك.